إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
162984 مشاهدة
باب زكاة الفطر

[باب: زكاة الفطر]
عن ابن عمر قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر: صاعا من تمر، أو صاعا من شعير على العبد والحر، والذكر الأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة متفق عليه .


[باب: زكاة الفطر]
ألحق الفقهاء هذا الباب بالزكاة؛ لأنه مال يدفع للمساكين، فهو شبيه بالزكاة، وبعضهم يلحقه بالصيام لأنه سببه، ولكن الأولى إلحاقه بكتاب الزكاة.
وسميت زكاة الفطر بهذا الاسم بسبب وجوبها وهو الفطر من رمضان، وهي صدقة يتصدق بها في آخر رمضان.
قوله: (عن ابن عمر قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر:... إلخ):
كلمة (فرض): قيل: المراد بها الإيجاب، أي: أوجبها والزمها بها، وقيل: فرضها، يعفي: قدرها، فالفرض التقدير، ومنه سميت الفرائض؛ لأنها أنصبة مقدرة، أي: قدر زكاة الفطر: صاعا من تمر، أو صاعا من شعير.
اقتصر هنا على صنفين: التمر والشعير؛ وذلك لأنهما الأغلب في ذلك الزمان، أي: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان التمر متوفرا وكانت المدينة ذات نخل، والشعير متوفر لأنه أقل ثمنا، وكانوا فقراء يشترون ما هو أقل ثمنا، موجود ولكنه أرفع ثمنا.
وقوله: على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين .
يعني: وجوبها على كل فرد من المسلمين، ولهذا قال في بعض الروايات: عمن تمونون أي: عمن تنفقون عليه، فيخرج زكاة الفطر عن أهل بيته وعن مماليكه إذا كان عنده مماليك، ذكورا وإناثا، صغارا وكبارا، وعن زوجه وعمن ينفق عليه من أبويه وإخوته أو نحوهم.
وتختص بالمسلمين، فإن كان عنده مملوك ليس بمسلم فلا زكاة عليه، ومثله في هذه الأزمنة الخدم غير المسلمين، فالخادمة النصرانية أو البوذية وكذلك السائق والخادم إذا كان غير مسلم ويستخدمه بأجرة، فإنه لا زكاة فطر عليه.
قوله: (وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة):
أي: إن الأفضل في وقت إخراجها أن تؤدى إلى مستحقيها قبل الصلاة، لكن رخص بأن تقدم قبل العيد بيوم أو يومين، فإن حصرها في صباح العيد قبل الصلاه فيه شيء من الضيق، ولكن هو الأفضل إذا تيسر.